مقالات تهمك

الفورمولا وان .. “الومضة الرابحة” التي ينتظرها التجار

بقلم – أحمد صباح السلوم*‏
هي “ومضة” اقتصادية في سنة طويلة مليئة بالأحداث والرسوم ‏والقرارات، إنها لحظة البرق التي تخطف أنظار الرياضيين والاقتصاديين ‏على السواء، إنها لحظة الرعد الصاخبة في أجواء الهدوء والاستكانة، ‏قطرة الماء الطازجة التي تسقط على بحيرة “الركود الاقتصادي” فتثير فيها ‏دوائر من الرواج والحركة والنشاط والخير “بإذن الله”.. استضافة البحرين ‏لسباق “الفورمولا وان” على أراضيها يتجاوز كونه حدث رياضي مميز ‏يضع المملكة على الأجندة العالمية للأحداث الرياضية الكبرى، فهذا أمر ‏بات مفروغ منه والحديث عنه بات أقرب للتعريف بما هو معرف، وشرح ‏ما هو مشروح، وتوضيح ما هو واضح وجلي، والكلام عنه بات مكررا ‏رغم حلاوته وطيبه.‏
من ناحيتي يهمني الجانب الاقتصادي في الصورة المفعمة بالحركة .. يمكن ‏أن تقول أنه بحكم التخصص أو الاهتمام أو المسئولية أو الحس الوطني أو ‏أي سبب آخر، والفورمولا باتت موسما يوضع على أجندة التجار في ‏البحرين مثلما يوضع على أجندة الرياضيين، شركات الطيران تترقب ‏حدوثه، الفنادق تنتظره بفارغ الصبر، المتاجر والمطاعم والمقاهي تحسب ‏له يوما بيوم حتى يهل عليها مثل “هلال رمضان” في منتصف أبريل من ‏كل سنة، وبالمثل يمكن أن تقول على قطاعات عديدة أخرى منها المصارف ‏ومكاتب الصرافة ومكاتب تأجير السيارات ومكاتب الدعاية والتسويق ‏والإعلان (وبالطبع المطابع) وسائقي الأجرة والمجمعات التجارية ‏والأسواق الشعبية وأماكن الترفيه وغير ذلك من أهداف متوقعة لعدد كبير ‏من السياح والمتابعين الذين يتوافدون على المملكة في هذا الموسم، فالأبعاد ‏الاقتصادية الإيجابية لسباق الفورمولا 1 أصبحت تغطي كافة جوانب ‏وأركان المجتمع، مع تزايد شريحة المستفيدين من احتضان المملكة لأحد ‏أضخم الفعاليات الرياضية على مستوى العالم.‏
‏ ويكفي هنا مثلا إلى أن نشير إلى أن تنشيط قطاع مثل القطاع الفندقي ‏‏”فقط” يحرك معه على الأقل نحو 50 نشاطا آخر وفي بعض الدراسات ‏تصل الأنشطة المباشرة وغير المباشرة والفرعية والجانبية نحو 90 نشاطا ‏بما فيها قطاعات المقاولات والصيانة بكل فروعها.. والأكل والشرب ‏والمفروشات بكل أصنافها.‏
المنافع الاقتصادية في حقيقة الأمر لسباق “الفورمولا وان” لا تقتصر فقط ‏على شركات الطيران والفنادق، بل فوائدها تطال بالتأكيد المؤسسات ‏المتوسطة ‏والصغيرة الحجم التي ستستفيد بدورها من ضخ السيولة الناتجة ‏من عمليات الشراء ‏والبيع في الأسواق وتوافد مئات إن لم يكن آلاف السياح ‏للمتابعة والاستمتاع بالسباق والأجواء المصاحبة‎.‎‏. لأن الدائرة الاقتصادية ‏عندما تتحرك لا تستثني أحدا على الإطلاق، فالانتعاش يعم على الجميع ‏مثلما يصيب الركود الجميع أيضا في مواسم الركود، وما أكثرها هذه ‏السنوات !‏
‏ من الظواهر الإيجابية الملفتة هذا العام – والتي نبهني إليها بعض القراء ‏الأجلاء من التجار- أن إدارة الفورمولا سمحت هذا العام لبعض “العلامات ‏التجارية المحلية الوطنية” وخاصة في قطاع المطاعم من التواجد في هذا ‏الحدث الاستثنائي المهم، وتقديم منتجاته إلى رواد الحلبة وأنا أثق جيدا أن ‏الاختيار لم يكن عشوائيا بل كان بناء على كفاءة هذه المطاعم المحدودة ‏وقدرتها على تشريف المنتج البحريني وسط العلامات التجارية العالمية ‏التي كان التواجد حصريا عليها فيمما سبق، وأعتقد أن قطاع المطاعم ‏البحريني في أشد الحاجة إلى مثل هذا النوع من الدعم ، في ظل تمنياتي أنا ‏الشخصية بتفعيل فكرة “الفرانشايز” والخروج بعشرات العلامات التجارية ‏البحرينية إلى آفاق العالمية وخاصة قطاع المطاعم المؤهل بقوة لهذه ‏الخطوة.. وهي التمنيات التي يوازيها قبول لدى وزارة الصناعة والتجارة ‏والسياحة ومجلس التنمية الاقتصادية وتمكين أيضا، وأتمنى من كل قلبي أن ‏تفعل هذه الخطوة قريبا جدا.. ونرى علامات البحرين التجارية في شوارع ‏لندن وباريس ودبي والقاهرة وأسطنبول.‏
نشد على يد إدارة الفورمولا في دعم قطاع المطاعم ونتمنى المزيد من هذا ‏الدعم “وفقا لاشتراطات عالية الجودة” في الموسم القادم، فمن يحظى ‏بفرصة كهذه يجب أن يكون على أعلى مستوى من الأداء واالكفاءة في ‏مجاله، فلا تهاون أبدا في سمعة البحرين في حدث عالمي مثل هذا.. وإلا ‏ستكون النتيجة عكسية على سمعة البلد والقطاع.‏
‎ ‎في المجمل ما يتوافر من معلومات يدلل على أنه على مدار السنوات الاثنى ‏عشر الماضية، حققت حلبة البحرين الدولية نقلة نوعية من كونها أول حلبة ‏لاستضافة سباقات السيارات في المنطقة لتصبح واحدة من أكبر الحلبات ‏قيمة على التقويم السنوي لبطولة العالم للفورمولا واحد.. ونالت عن جدارة ‏واستحقاق لقب “موطن رياضة السيارات في الشرق الأوسط”‏‎.‎‏. وحركت ‏مع سباقاتها الشهيرة العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، ووفرت ‏فرصا موسمية ودائمة للعمالة الوطنية وأكسبت كثيرين خبرات مميزة على ‏مستوى تنظيم الأحداث الكبرى وترتيبها والمشاركة بها، واستقبال الوفود ‏وغير ذلك من أعمال كان السباق محورا لها.‏
‏ ووفقا لدراسات قامت بها مؤسسة “‏Formula money‏” على سبيل ‏المثال ساهم سباق الفورمولا واحد في الناتج الإجمالي المحلي بنحو 270 ‏مليون دولار، بينما الأثر السنوي على الاقتصاد المحلي بلغ رقم يقارب ‏‏300 مليون دولار”.‏
في عام 2012 ضخت “الفورمولا وان” في الاقتصاد المحلي ما يقارب ‏‏220 مليون دولار في العام 2012، وارتفع إلى 295 مليون دولار في ‏‏2015، كما وفر الحدث 3 آلاف وظيفة ما بين دائمة ومؤقتة، وارتفع نمو ‏القطاع السياحي بنسبة فاقت 60 % منذ عام 2004 حتى 2015‏‎.‎
خلاصة القول .. البحرين سعيدة على المستوى المجتمعي باستضافة ‏الحدث، وعلى المستوى الاقتصادي بالنشاط الكبير الذي يبثه في الأوساط ‏التجارية المختلفة، فكم من “ومضة اقتصادية” مثل هذه يحتاجها القطاع ‏التجاري لتحسين أوضاعه ؟!‏

• رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى