مقالات تهمك

الذكاء الإصطناعي .. ومستقبل الاقتصاد والبشر (2)‏

بقلم – أحمد صباح السلوم*‏
‏ أوضحنا في المقال السابق تعريفات “الذكاء الإصطناعي” وما ذكره بعض مشاهير ‏وكبار علماء الفيزياء والكمبيوتر في حق هذا المصطلح سلبا وإيجابا، سواء فيما يتعلق ‏بشأن الاقتصاد أو في شأن الحياة العامة، وحتى ما قيل بشأن تخوفاتهم من تطوير ‏الروبوتات لنفسها ذاتيا وما يمكن أن يترتبب على ذلك من عداء بينها وبين الجنس ‏البشري !! وربما فناءه !!‏
‏ وفي هذا المقال سنتحدث عن استخدامات “الذكاء الاصطناعي” في حياتنا اليومية.‏
‏ ولعل من أبسط الأمور التي قد تصادفك يوميا لتطبيقات هذا المصطلح هما شركتي ‏جوجل وفيسبوك اللتان تعتبران من الشركات الرائدة في مجال “الذكاء الإصطناعي” ‏حيث ‏أن كل منهما تستخدمه في محركات بحثها بشكل واسع ليتم التوصل لنتائج بحث ‏أكثر ‏دقة، أو البحث عن الصور، كما يمكن لهاتف أندرويد فهم أوامر مستخدمه، ‏والترجمة ‏الفورية للعبارات المكتوبة بلغة أجنبية على اللافتات في الطرقات، واستكمال ‏الكلمات وأحيانا الجمل التي تكتبها في محادثاتك الشخصية على الهاتف كأن تكتب مثلا ‏‏”البحـ” فيكمل لك خياراتك الأكثر استخداما “البحرين – البحوث – البحيرة” وغيرها.‏
‏ أما بالنسبة ‏لفيسبوك، فيسمح التعلم العميق للشبكة الاجتماعية بالتعرف على الوجوه في ‏الصور، ‏واختيار المحتوى المناسب وعرضه للمستخدم على صفحة آخر الأخبار، وغير ‏ذلك من ‏الوظائف‎.‎‏. وحتى ما تجده أحيانا من عرض باقتراحات صداقة للأشخاص الذين ‏قد تعرفهم أو المسجلين في هاتف جوالك وليسوا من أصدقائك على “الفيسبوك” وهو ‏الأمر الذي أثار حيرة الكثيرين، لكنه في الحقيقة إحدى استخدامات أو تطبيقات “الذكاء ‏الإصطناعي” !!‏
الآن هناك أجهزة المنزل الذكي، حيث أصبح بالإمكان التحكم في إضاءة المنزل وحركة ‏الستائر والأجهزة الكهربائية والإلكترونية من خلال الهاتف دون الحاجة إلى تحرّك ‏الشخص من مكانه، كما يتم غلق الأبواب تلقائياً بعد خروج الأشخاص من المنزل، ‏إضافة إلى استخدام منظمات حرارة مبرمجة مسبقاً بما يناسب درجة الحرارة المطلوبة ‏تقوم بتنظيم حرارة المنزل على الوجه الذي يرغبه الشخص وأحيانا قبل مجيئه.‏
الذكاء الاصطناعي في قطاع الصناعة وخاصة صناعة الإلكترونيات والسيارات ‏وتجارب اختبارات سيارات القيادة الذاتية!! وفي المصانع نفسها من خلال استبدال ‏البشر بالروبوتات الحديثة.. وفي الصناعات العسكرية هناك تطور مذهل لاستخدامات ‏الذكاء الإصطناعي في روبوتات كشف الألغام، وغواصات أعماق البحار، والطائرات ‏بدون طيار والمقاتلات وغيرها.‏
في مجال التعليم تستخدم العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي للحصول على ‏أفضل نهج في عملية التعلم، فمن الممكن توفير نظام تعليمي يخصص عملية التعليم لكل ‏طالب بناء على قدراته ومهاراته، بالإضافة لمساعدة المعلم لتحديد مستوى الطلاب ‏وزيادة معدل النجاح لديهم، وأيضاً هناك برامج تساعد على تصحيح الإجابات وتحديد ‏الدرجات مما يوفر الوقت والجهد للمعلّم.‏
في القطاع الطبي هناك العديد من الاستخدامات لهذه التقنيات الحديثة وخاصة في تحليل ‏أنواع المرض من خلال مقارنات الأعراض، فقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي في ‏إدارة السجلات الطبية للمرضى ومعرفة التاريخ المرضي لهم، بالإضافة لاستعماله ‏بتحليل نتيجة الفحوصات المختلفة بسرعة وأكثر دقة، كما بإمكانه تحليل الملاحظات ‏الموجودة في التقارير الطبية والتي على أساسها يتم اختيار السبل الأصح للعلاج، أيضاً ‏لا يستغنى عن استخدام هذه التقنيات في مراقبة وضع المريض ومدى تجاوبه للعلاج ‏بين الزيارات المتكررة للطبيب كممرضة رقمية.‏
كما قامت العديد من منظمات الصحة بإنشاء تطبيق‎ (AiCure app) ‎لمراقبة استخدام ‏المريض للعلاج، حيث يتم توصيل كاميرا الويب مع الهواتف الذكية للتأكد من أخذ ‏المريض للجرعة الدوائية ومراقبة تطوّر الوضع الصحّي لهم‎.‎
ومؤخرا .. قام فريق من رواد الأعمال الفرنسيين والذين أسسوا معاً مجموعة أطلقوا ‏عليها إسم “أوبفيوس” بتطبيق عملي للذكاء الإصطناعي في مجال الفن وقاموا بتصميم ‏خوارزميات يمكنها أن تعيد رسم لوحات أصلية تشابه أعمال كبار الفنانين مثل ‏رامبرانت وفان جوخ وموليير غيرهم‎.‎
وتنتج هذه الخوارزمية الأعمال الفنية من خلال الخروج بصور جديدة بعد تزويد ‏الحاسوب ببيانات لوحات موجودة بالفعل !!‏
الذكاء الإصطناعي في الأغلب سيكون المصطلح الأكثر تأثيرا على حياتنا اليومية خلال ‏العشرين عاما القادمة.. ولا يزال للحديث بقية.‏

‏* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ‏

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى