مقالات تهمك

تطوير السوق القديم .. للتاريخ والمستقبل

بقلم – أحمد صباح السلوم *

من المهم للغاية أن يتم استكمال خطط تطوير السوق القديم بالمنامة، السوق الذي شهد ووثق تاريخ الحركة التجارية في البحرين، وعكس كل ركن من أركانه وكل شارع من شوارعه قصة من قصص نجاح رجالات البحرين وكبار تجارها، فمن هذه النقطة بزغ نجم جميع العائلات التجارية العريقة، وحتى التجار الآسيويين والعرب والإيرانيين، والتجار اليهود والمسيحيين الذين سكنوا البحرين وساهموا في تاريخها التجاري كانت لهم ذكريات مجيدة في هذا السوق الذي كان نموذجا مصغرا لحياة التعايش والتسامح التي تنتهجها البحرين.. وهو نموذج قلما يتكرر في أي دولة أخرى بالمنطقة.

الأمر إذن لا يتعلق بالأمور الاقتصادية والاستثمارية فقط على الرغم من أهميتها بالطبع، ولكنه مرتبط في جانب أساسي منه بتاريخ البحرين ذاتها وثقافتها وتراثها وبتاريخ الحركة التجارية في المملكة، ثم تأتي في مرتبة تالية الاحتياج الكبير للتطوير لأسباب تنمية واستدامة السوق من جهة، دعم التجار من جهة، ودعم الجذب السياحي من جهة ثالثة، دعم الجذب الاستثماري من جهة رابعة.

وغني عن القول الآن أن أي مستثمر يريد أن يضخ أموالا في السوق ينظر بكل تمعن لحركة السياحة الوافدة للبلد المستهدف بالاستثمار، كلما ارتفع عدد السياح الوافدين كلما كانت هناك فرص أكبر لضخ الاستثمارات ونجاح الاستثمارات، لذا فإننا دائما عندما نتحدث عن تنشيط الجانب السياحي لا نعني بالضرورة تنشيط القطاع الفندقي والتجاري، لكننا بلا شك نريد امتداد أوسع يشمل القطاعات الأخرى وكافة أصناف الاستثمارات التي تعتمد على حركة البيع والشراء في السوق، البحرين تعدادها محدود بمقاييس الاسواق العالمية وسكانها “مواطنون وأجانب” يتجاوزن المليون بقليل وبالتالي من المهم لها للغاية وللجذب الاستثماري توسيع دائرة السوق المحلي لتشمل أعدادا أكبر من السياح الوافدين، وهذا لن يتأت إلا بتنشيط عناصر الجذب السياحي وزيادتها.

سوق المنامة القديم أحد عناصر الجذب المهمة لتطوير حركة السياحة وزيادة أنشطة الاستثمار في البحرين، وهذا ليس من باب التهويل أو التجميل ولكنها الحقيقة، ولا توجد أي دولة في العالم تخلو من مركز أو شارع تجاري تاريخي مهم إذا أرادت أن يكون لها وجود على خارطة السياحة، حتى في الدول المجاورة والشقيقة يوجد نفس الشيء هناك سوق نايف في دبي، خان الخليلي في القاهرة، سوق مطرح في عمان، سوق واقف في قطر، سوق المباركية في الكويت، البازار الكبير في أسطنبول، حي سيام التجاري في بانكوك، أكسفورد استريت في لندن والشانزليزيه في باريس.. وهكذا لا يوجد مدينة سياحية أو جاذبة للاستثمار تخلو من هذا الموقع التجاري التاريخي الذي يجتذب السياح ، والمرادف لهؤلاء جميعا في البحرين هو سوق المنامة القديم (باب البحرين) وهو أحد أقدم الأسواق التاريخية على مستوى دول الخليج جمعاء، فكيف يكون لدينا موقعا بهذا الثراء التاريخي والتراثي ولا نهتم به ؟؟!!

تصريحات معالي وزير التجارة السيد زايد الزياني وتأكيده على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بالمضي قدما في تنفيذ خطط تطوير سوق المنامة القديم وأنه لا توجد أي مشاكل تمويلية في تنفيذ المشروع الذي ستتكفل به هيئة السياحة البحرينية من ميزانيتها الخاصة أثلجت صدور قطاع كبير من تجار السوق وتجار البحرين في المجمل، أولا لأنها تعكس كل ما تم ذكره من أهمية تاريخية واقتصادية واستثمارية للسوق، ثانيا لأن الأمر يعكس رؤية سمو ولي العهد واستشرافه للمستقبل بشكل يطمئننا جميعا، وثالثا لأن هناك خطة طموحة وضعت بالفعل وتم استقطاب خبراء على أرقى مستوى في تطوير الأسواق وهناك جهود مشرفة بذلت في هذا الصدد، وسيكون من الصعب حقا أن ينتهي كل هذا الجهد بلا نتيجة.

من موقعي كرئيس لجمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة استشعر جيدا حجم وقيمة مثل هذا المشروع لقطاع كبير من المؤسسات الصغيرة العاملة في السوق، وقيمة تحقيق “الاستدامة” و”التنمية” لقطاع قائم بالفعل ويعاني من بعض المشكلات، إن من واجب الجميع أن يساندوا تجار السوق القديم وجميع الأسواق التراثية في البحرين وأن نساعدهم على البقاء والاستمرار لما فيه صالح الاقتصاد الوطني ومستقبل التجارة في البحرين.

*رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى