مقالات تهمك

تركمانستان .. بين براعة السياسة وفرص الاقتصاد

بقلم: أحمد صباح السلوم
التوازن الاقتصادي ضرورة .. فتح الأسواق الجديدة أيضا ضرورة.. اعتقد أن هاتين الجملتين هما ملخص الزيارة الملكية السامية التي قام بها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه ‏إلى الجمهورية التركمانستانية‏، والتي تشرفت أن أكون ضمن وفدها الرسمي الذي ضم نخبة من المسئولين والتجار في البحرين.
لا يعرف الكثيرون “تركمانستان” وربما أغلبية الشعب البحريني لم يزرها من قبل، وأعتقد أن هذا كان حال عدد كبير من أعضاء الوفد، بلد جميل ذو طبيعة مميزة كأغلب دول هذه المنطقة “آسيا الوسطى” ويحده من أغلب الجهات عدد من الدول التي ينتهي اسمها بمقطع “ستان” والتي تعني بالعربية كلمة “أرض”.. فمن الشمال يحده أوزبكستان وكازاخستان، ومن الشرق أفغانستان، فيما تستحوذ إيران على الحدود الجنوبية بالكامل، ويطل هذا البلد البكر الخلاب الطبيعة على بحر قزوين بطول حدوده الغربية وهو البحر المعروف عنه عالميا بأنه أفضل موطن لأسماك “الخشف” التي يستخرج منها “الكافيار».
وتقع العاصمة “عشق آباد” على الحدود الجنوبية للدولة وقريبة للغاية من مدينة مشهد التي تقع في شمال إيران.. ويمثل “التركمانستان” أكبر نسبة من سكان دولة تركمانستان بمعدل 65% ، حيث يطلق عليهم المقدسي ولا يزالون كذلك حتي الان ، كما يوجد أقلتين كبيرتين هما الروسية والأوزبكية، بالإضافة إلى أقليات أخرى مثل الكازاخ، الأذريين، الأوكرانيين، البلوش، التتار، والأرمن.. والمعروف طبعا أن هذه البلد كانت ضمن “الاتحاد السوفيتي السابق” الذي تفكك إلى عدد كبير من الدول.. لذلك فإن تاريخ عملتهم واسمها “مانات” حديث جدا لا يجاوز عام 1993م حين أعلن استقلال الدولة.
اقتصاد “تركمانستان” يقوم على جناحين رئيسيين هما “الغاز الطبيعي” الذي تعتبر تركمانستان من بين أكبر 5 دول في العالم من حيث الاحتياطات، والجناح الثاني هو الصناعة التي تمثل تقريبا 33% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة وأغلبها صناعات بتروكيماوية ونسيج ومنتجات زراعية.
وقد بدا لنا جميعا خلاال الزيارة أن جلالة الملك حفظه الله ورعاه تربطه علاقات وثيقة بالقيادة في هذا البلد الصديق ولا شك أن هذه العلاقات المميزة هي التي فتحت الباب على مصراعيه أمام الوفد البحريني لتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاقتصادية المشتركة، ضمن منتدى الأعمال البحريني التركمانستاني المشترك الذي أقيم على هامش الزيارة، وتم توقيع ‏مذكرة تفاهم بين شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات وتوركمان غاز وذلك لدراسة مشاريع في ‏مجال البتروكيماويات، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات ‏وتوركمان كيميا في مجال الأسمدة الكيماوية، حيث وقع الاتفاقيتان عن الجانب البحريني الدكتور ‏عبدالرحمن جواهري رئيس مجلس إدارة شركة الخليج للبتروكيماويات بحضور وزير النفط ‏الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة ومن الجانب التركمانستاني بحضور وزير الدولة ورئيس ‏توركمان غاز السيد ميرات آرشاييف.‏‎ ‎
كما وقعت غرفة تجارة وصناعة البحرين – التي كان لها حضورا مميزا في هذه الزيارة – ‏مع غرفة تجارة وصناعة تركمانستان اتفاقية تعاون وتفاهم بين مملكة البحرين وجمهورية تركمانستان لتعزيز التعاون التجاري والصناعي.. والتعرف على مجال الاستثمارات بين البلدين ومحاولة تقريب التواصل بين تجار وصنَاع البحرين مع تجار تركمانستان وصناعها.
وبشكل عام اعتقد أن الزيارة والانفتاح على دول جديدة “لا تزال بكرا” هي فرصة كبيرة أمام من يرغب فعليا في الاستثمار، لأن الاستثمار الحقيقي يكون في مثل هذه البلدان البكر التي لم تتشبع بعد من الاستثمارات بكل أنواعها سواء كانت خدمية، تجارية، صناعية أو سياحية.
لكن الأبرز فعليا بينها جميعا وما لفتن انتباه أغلب الوفد هو الاستثمار في القطاع الغذائي المتميز جدا في هذا البلد المعروف بزراعة القطن والقمح والفواكه والخضروات، وقد اكتشفنا من خلال حضور المنتدى ازدهار قطاع الصناعات الغذائية في مدينة (اشكبات) المتميزة في مجال صناعة المأكولات من الانتاج ‏الحيواني؛ الأمر الذي يتيح للمهتمين فرصة حقيقية للتعاون، ولا يخفى على أحد بالطبع أهمية الاستثمار في القطاع الغذائي لبلد مثل البحرين يستورد 90% تقريبا من احتياجاته الغذائية من الخارج.
وأخيرا أقول أن التنوع في العلاقات الاقتصادية وتوازنها هو مهارة سياسية إستراتيجية أكثر مما هو شطارة تجار، والحمد لله أن لدينا من يجيد هذه المهارة.. شكرا جلالة الملك وحفظك الله.

أخبار الخليج_الخميس ٢٨ مارس ٢٠١٩ – 01:15

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى