مقالات تهمك

الفكرة “اقتصاد قائم بذاته” !!

بقلم – أحمد صباح السلوم*

حالة من التطور المستمر تنال من الاقتصاد العالمي وأساليب التسوق والتعاملات الاقتصادية وإنشاء الشركات وتنميتها وتطويرها، وذلك بفضل التطور التكنولوجي الهائل في العقدين الأخيرين وثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المبهرة في حقيقة الأمر.

لقد صارت الأفكار في حد ذاتها اقتصادا قائما بذاته “أوبر” التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات “فكرة” ليست أكثر ولا تملك سيارات ولا أصول رأسمالية ضخمة !! “الفيسبوك” فكرة باتت شركة، ومسجلة في أكبر بورصات العالم لتدر على صاحبها مليارات بلا أي أصول أو استثمارات كبيرة تذكر، “أمازون” – الشركة التي بدأت كوسيط لا أكثر ولا أقل بين التجار والزبائن – أيضا فكرة لها أصول لكنها لا ترقى لنسبة 5% من القيمة السوقية للشركة في البورصة التي جعلت من صاحبها “جيف بيزوس” أثرى أثرياء العالم متفوقا على بيل جيتس وغيره.. والآن بدأت تطور من نفسها وتستحوذ على شركات ومحلات بملايين الدولارات لتنضوي تحت مظلتها التي باتت تتمدد يوميا لمكان جديد أو لاستثمار جديد.

وهكذا سنجد أن الأفكار التي تلبي احتياجات الناس وتتناسب مع تطورات حياتهم هي الباب الواسع للثراء الأن وتحقيق الثروات المذهلة، ومثلما اختفى  جهاز الفيديو كاسيت والراديو الترانسزتور والكاميرا التقليدية، واختفت منذ سنوات العملاق “كوداك” التي كانت ملء السمع والبصر وتنتشر فروعها في أكثر من 140 دولة حول العالم، ومثلما باتت “نوكيا” قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الاختفاء الكامل بسبب عدم التطور ومواكبة العصر، فهناك عشرات الشركات الكبرى في العالم حاليا التي قامت على مجرد “فكرة” بسيطة نتجت عن احتياج حقيقي لا أكثر ولا أقل، فنمت الفكرة وازهرت وأثمرت وبات أصحابها ينعمون في ثراء لا حدود له.

وفي المقابل هناك شركات بات دورها يتقلص مع التطور التكنولوجي منها مثلا “مكاتب السفر والسياحة” التي أثر عليها كثيرا “الحجز الإلكتروني” المباشر من العميل لشركات الطيران مباشرة، والصحافة الورقية التي باتت مهددة مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وبعضها بدأ يغلق فعليا أو يتقلص توزيعه بشكل ملحوظ، وهذه النماذج إن لم تطور نفسها وتقدم خدمات أكثر مواكبة لروح العصر واحتياجات المستهلكين ستجدها من الذكريات الجميلة مع مضي السنوات.

المرحلة القادمة ستشهد تطورات مماثلة على أصعدة مختلفة وخاصة في القطاع الصناعي الذي سيشهد تحولات جذرية مع تطورات التقنية المذهلة وخاصة تقنية “الطباعة الثري دي”، وكذلك قطاع السيارات مع تطور استخدامات الطاقة النظيفة والطاقة الكهربائية، وكذلك تقنيات القيادة بدون سائق وغيرها، وشهد القطاع الزراعي ثورة مماثلة ومستمرة مع تطور الهندسة الوراثية.

لكن السؤال الأهم ما هو دورنا نحن كمستهلكين في هذه المرحلة ؟ وهل سنقف مكتوفي الأيدي أمام كل هذه التطورات السريعة مع احتمالية شبه مؤكدة لاختفاء العديد من المهن والوظائف التقليدية في السنوات القادمة في قطاعات السياقة والصناعة وحجز التذاكر وغيرها ؟؟

لقد أطل علينا مؤخرا مصطلحا جديدا هو “التسوق الأخلاقي” ربما نجد فيه إجابات لبعض هذه الأسئلة، واعتقد أنه جدير بمقال مستقل، وسنتحدث عنه باستفاضة في المقال القادم.

* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى