مقالات تهمك

الصراع على الاستثمار.. أين تضع البحرين أقدامها؟

بقلم: أحمد صباح السلوم

صراع محتدم تدور رحاه علنا وخلسة بين دول العالم أجمع وليس في المنطقة وحدها، والهدف هو «جذب الاستثمارات» ويا حبذا لو كانوا من «كبار المستثمرين» وهم الصيد الثمين الذي يسعى الجميع خلفه الآن.
مستثمر كبير يعني مشروعا أو مشروعات ضخمة، يعني ضخ رؤوس أموال طازجة جديدة في السوق، يعني تحريكا لتروس العجلة الاقتصادية، يعني خلق فرص عمل وفتح أبواب رزق أمام أهل البلد، أو كما يحلو للرئيس الأمريكي ترامب أن يغرد «وظائف.. وظائف.. وظائف» تعبيرا عن فرحته بتدفق الاستثمارات والصفقات التجارية في عهده، مع تحفظي الشخصي على الطرق التي يتبعها لإتمام هذه الصفقات وخاصة مع أهل الخليج.
وخلال الأسابيع القليلة المنقضية فقط نشر أكثر من خبر يعكس حدة الصراع على جذب الاستثمارات وكبار المستثمرين في المنطقة والعالم، فها هي دبي تعلن عن ‏ شروط نيل «الإقامة الذهبية» للمقيمين فيها ‏لمدة «10 سنوات» وهي خاصة بالمستثمرين فقط وبشرط أن يكون حجم الاستثمار ما فوق 10 ملايين درهم (مليون دينار بحريني تقريبا)، وعندما سئل اللواء محمد المري، مدير عام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي.. هل رسوم هذه الإقامة مختلفة؟.. كانت في إجابته الرسالة الشافية عن مغزى هذه الإقامة والهدف منها والاستراتيجية التي وراءها، فأجاب قائلا «الحسبة مش قضية مال بل قضية استقرار رجال الأعمال واستمرارية الاستثمار‏، هدفنا أن يستشعر المستثمر الأمان والاستقرار فيبقى، لا يقلقه أبدا تجديد الإقامة كل عام».
فلسفة واضحة وصريحة وأمر غير جديد على الشيخ محمد بن راشد رئيس وزراء دولة الإمارات حاكم دبي ولا على القيادة الرشيدة في الإمارات الشقيقة، يريدون كبار المستثمرين أن يأتوا فيستقروا ثم يبقون.
بجانب «الإقامة الذهبية» هناك “إقامة عقارية” مدتها 5 سنوات في الإمارات أيضا ومن شروطها أن تكون تملك عقارا بقيمة معينة وأن يكون العقار ملكا كاملا 100% لصاحب العقار الذي يحمل الإقامة هذه‏‎.. وهناك أيضا تسهيلات كبيرة وإقامة خاصة للمستثمرين في منطقة «جبل علي» بشكل خاص.
أبو ظبي هي الأخرى أصدرت قانونين جديدين، يستهدفان تشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الإماراة، إضافة إلى تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص.. بموجب أحكام القانون رقم 1 لعام 2019، تم الإعلان عن هيئة تسمى «مكتب أبوظبي للاستثمار»، ويكون لها شخصية اعتبارية مستقلة، وتتمتع بالأهلية القانونية الكاملة للتصرف، وتتبع دائرة التنمية الاقتصادية.
ويتولى مكتب أبوظبي للاستثمار مسؤولية تنفيذ استراتيجية شاملة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى أبوظبي، في إطار برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية (غداً 21).
مصر أيضا.. أصدرت قانون جديد للاستثمار يحفز المستثمرين ويقدم تسهيلات وإعفاءات ضريبية جديدة ويمنح إقامة دائمة لملاك العقارات.. وشهدت العقارات في مصر ارتفاعا كبيرا في الأسعار مع تعويم العملة المحلية، لكنها مرشحة للمزيد من الارتفاع في الفترة القادمة.
وفي تركيا قوانين الملكية الجديدة احتوت على مجموعة من العوامل التحفيزية للمستثمرين الأجانب، أهمها التملك في تركيا، إذ أصبح تملك الأجنبي للأصول في تركيا أسهل كثيرا مما كان عليه قبل عدة سنوات.. ويتيح القانون للأجانب بيع وشراء العقارات ما دفع إلى نمو لافت في صناعة العقار داخل المدن التركية، خاصة إسطنبول.
وفي تونس نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 27% في الربع الأول من العام، عقب تطبيق قانون جديد للاستثمار، هدفه إعادة جذب المستثمرين بعد سنوات من الركود بسبب الوضع الأمني، تضمن حوافز عدة أهمها خفض الضرائب، إعفاء الأرباح من الضرائب لعشر سنوات وإنشاء صندوق استثمار يساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية، تذليل العقبات الإدارية أمام المستثمرين، من بينها تقليص التراخيص والحدّ من البيروقراطية.
أغلب دول المنطقة وليس هذه النماذج فقط تبذل كل ما في وسعها لجذب المستثمرين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية التي تعد مشروعا كبيرا لجذب الاستثمار الأجنبي بدأت منه خطوات فعلية في قطاع السياحة والترفيه على وجه الخصوص.
لكن ماذا فعلت البحرين لجذب الاستثمارات؟ وأين تضع أقدامها في هذا البحر التنافسي المتلاطم الأمواج.. هذا ما سنتطرق إليه في المقال القادم بإذن الله تعالى.

أخبار الخليج_الثلاثاء ١٦ يوليو ٢٠١٩ – 01:00

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى