مقالات تهمك

هموم المتقاعدين.. تحتاج أفكارا استثمارية طازجة غير نمطية

بقلم – أحمد صباح السلوم *

اعتقد أنه لم يشغل بال عموم البحرينيين في الشهرين الأخيرين أكثر من الحديث عن صندوق التقاعد والتأمينات، وهناك كم كبير من الأخبار متفاوت في مصداقيته ما بين الصحة التامة والخبر غير المؤكد والشائعات الخالصة، واعتقد أيضا أن الصورة بها لبس كبير وتداخل واضح في الأخبار والمعلومات ما بين حقيقة كل ما يدور في هذا الملف، سواء ما يخص مكافأة نهاية الخدمة، الاستثمارات، الأصول الخاصة بالصناديق، مستقبلها القريب والبعيد، وحقوق الأجيال القادمة !!

وقد استجاب جلالة الملك حفظه الله ورعاه لنبض أهل البحرين وتخوفاتهم من قانوني التقاعد الجديدين على وجه الخصوص، وأمر بتشكيل لجنة لإعادة بحث قانوني التقاعد مع الأخذ في الاعتبار كل ما أبدي بشأنيهما من مرئيات وملاحظات من نقاش حولهما في مجلسي الشورى والنواب، وكذلك ما أبداه المواطنون والكتاب والصحفيون من مرئيات عبر وسائل الإعلام المختلفة.. وبالطبع كان من بين هذه المرئيات أفكار جيدة للغاية، واقتراحات جديرة بالبحث والدرس، وانتقادات لاذعة لأداء النواب وموافقتهم الأولى على تمرير القانون.

لا شك أن الاستماع لمختلف وجهات النظر والآراء حول تعديل قانونَي التقاعد، يسهم في نظرة شاملة على الإصلاحات المطلوبة على الصناديق التقاعدية، بما يسهم في استدامتها واستمرارها وهذا هو الهدف الأهم من وجهة نظري، إلى جانب حماية حقوق المشتركين، وضمان قدرة الصناديق التقاعدية على الوفاء بالتزاماتها تجاه الأجيال القادمة.. لأن هذه الصناديق تم إنشاؤها لتبقى مستمرة ومستدامة، وهي عملية تتطلب إصلاحات وتعديلات مستمرة، وأفكار طازجة غير نمطية في بعض الأحيان.

نعلم أن هناك اختلافا في فلسفة وآليات أنظمة التقاعد المتبعة في العديد من الدول، لكنها في مجملها تخضع للتقييم ‏والمراجعة كل عدة سنوات وبما يتواكب مع الظروف والمستجدات التي تشهدها التطورات المختلفة ‏الحادثة، وبحيث تضمن توحيد مزايا ومنافع التأمين التي يتلقاها المنتفعون، والاستفادة بالتالي من خبرات ‏الكوادر الوطنية المتراكمة وبما يحول دون تقاعدهم المبكر.‏

وإن كان لي من اجتهاد بشأن هذا الملف فإنني أرى أن التركيز في التطوير يجب أن ينصب على تطوير الجانب الاقتصادي الاستثماري لعمل الصناديق.. هناك ذراع استثماري لهيئة التأمينات يسمى “أصول” يقوم عليه شخصيات محترمة، لكن هناك لغط دائر حول بعض الأمور المتعلقة بقيم الاستثمارات والأصول خلال السنوات الأخيرة وعائداتها، ولابد من توضيح كافة المسائل المالية المتعلقة بأموال الشعب بكل وضوح وشفافية ونزاهة، فهذه هي “الأصول”.

الشركة تخضع في إدارتها لنخبة من الكوادر الوطنية المشهود لها، ويُراقب أداؤها سنويا من قبل البنك المركزي وديوان الرقابة ومدقق خارجي، ‏إضافة لوزارة المالية نفسها، واستطاعت خلال الفترة من 2013 إلى 2017 إدارة 61 ‏استثمارا بقيمة 1515 مليون دينار بحريني بلغ صافي عوائدها 310 ملايين دينار ‏بمعدل عائد داخلي يصل إلى 7%، فهل هذا معدل مناسب أم من الضروري أن يرتفع ؟؟

تطوير أساليب الاستثمار من الداخل .. نقطة محورية مهمة في حلحلة هذا الملف، فبما أن غالبية وعموم الناس ترفض المساس بمكتسباتها المالية وحقوقها التأمينية في الوقت الذي تتمسك فيه وزارة المالية بإجراء بعض التغييرات، وبما أن أعضاء اللجنة المشكلة من قبل جلالة الملك – ووفقا لتصريحات أحد أعضاءها – منقسمة وهناك تشبث من جانب كل طرف في آرائه، فإنني أرى أن تغيير أساليب الاستثمار وتطويرها ودفعها في اتجاه الزيادة المضطردة هو أفضل الحلول المتعلقة بحلحلة هذا الملف الذي يبحث عن أفكار طازجة مبتكرة لزيادة عائداته ومواكبة تطلعات المتقاعدين ولو بالحد الأدنى الذي يقف عند عدم المساس بمكتسباتهم الراهنة.

* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى