
طيران الخليج .. “التحدي الأهم” في مسيرة الوزير (2)
بقلم – أحمد صباح السلوم*
تناولنا في المقال السابق أوضاع طيران الخليج وكيف أنها التحدي الأهم في مسيرة وزير الصناعة والتجارة والسياحة السيد زايد بن راشد الزياني الذي صدر قرارا بتكليفه رئاسة مجلس إدارتها، والظروف الصعبة التي تمر بها الشركة في ظل المنافسة الخليجية الشرسة، وهو ما يجعل من تجاوز الشركة لمرحلة الخسائر الراهنة والدخول في مرحلة الأرباح تحديا حقيقيا بجميع المقاييس.
وفي الوقت الذي علق فيه بعض القراء الكرام على ضرورة النأي بالشركة عن أمور السياسة وقراراتها التي أدت إلى إغلاق بعض المحطات المهمة من وجهة نظرهم في العراق ولبنان وإيران، داهمتنا الأحداث الأخيرة، والواقع أن القرارات السيادية للدولة من الأمور التي يصعب التعليق عليها، لأن المعلومات المتاحة لدينا تختلف كما وكيفا عن تلك المتاحة لدى متخذ القرار وصانعيه، فالحكم والتعليق هنا في الأغلب سيكون قاصرا لأنه ليس مبنيا على معلومات متكاملة، والمعلوم أن بعضها يخص الأمن القومي البحريني وربما الخليجي.
وإذا جازت لنا كلمة في هذا الأمر فإننا ندعو الله عز وجل أن تمر الأزمة على خير وتعود العلاقات بين جميع أبناء الخليج إلى ما كانت عليه وأكثر، وأن يزيح الله هذه الغمة بين الأشقاء لما فيه خير الوطن الحبيب البحرين وخير جميع الأشقاء في دول الخليج.
عودة إلى طيران الخليج التي يتكون أسطولها وفق أحدث المعلومات المتاحة من 10 طائرات (بوينج دريملاينر 9-787) و17 طائرة (إيرباص نيو A321 ) و12 طائرة (إيرباص نيو A320) ، حيث من المتوقع استلام هذه الطائرات الجديدة في الربع الثاني من 2018 ... أنا بالطبع لست بالخبير الدولي في الطيران لأسدي النصائح والتوجيهات، ولكن من واقع خبرتي كتاجر ومسافر استطيع أن أقول بعض الملاحظات البسيطة التي قد تؤخذ بعين الاعتبار واعتقد أن القائمين على الشركة غالبا يعلمونها أيضا ويضعونها في محل اعتبارهم مع احتمال اختلاف في وجهات النظر لا يفسد أي ود، بل يجمعنا في حب الوطن، وربما تشهد الفترة القادمة تفسيرا أو توضيحا لهذه الملاحظات وهي:
- تواجد طيران الخليج في السوق الأوروبي بات شحيحا للغاية رغم أنه لا يزال السوق الأول للمسافرين من البحرين، وأغلب المسافرين حاليا من البحرين يضطرون للسفر على بعض الناقلات الخليجية أو الأوروبية للعديد من الوجهات بدلا من السفر على الناقلة الوطنية، دول مثل إيطاليا والنمسا وأسبانيا وسويسرا والبرتغال وهولندا وبلجيكا لا تطير إليها طيران الخليج بشكل مباشر، في مقابل أن القطرية أو الإماراتية مثلا تسافر لأربع أو خمس وجهات في إيطاليا فقط !!
- يقتصر تواجد طيران الخليج في أوروبا على 7 مدن كبرى فقط منهم 4 رئيسية هي لندن وباريس وفرانكفورت واسطنبول، و3 لا أعتقد أن الطلب عليها كبيرا (لا يوجد لدينا إحصائيات معلومة عن نسب الامتلاء في هذه الوجهات) وهي موسكو وأثينا وقبرص، اعقد أن الأمر يتطلب دراسة مفصلة عن الوجهات المفضلة للسفر لدى البحرينيين ودول الخليج العربي وكذا حجم جاليات هذه الدول في البحرين.. وإعادة توزيع خريطة الوجهات (الشبكة) والتركيز على بعض الوجهات الأخرى المعروفة والمفضلة لدى قطاع كبير من المسافرين حاليا وعلى رأسها مدريد وجنيف وفيينا وميونيخ وبرشلونة وأمستردام.. وجميع هذه الوجهات لا تسافر إليها طيران الخليج بشكل مباشر، ولكن ربما هناك اتفاقيات مع شركات أخرى فيما يعرف بينها باسم (الشراكة بالرمز) وبالطبع يكون هناك ترانزيت في إحدى المطارات الأوروبية القريبة.
- عندما ذهبت الشركة لتوسيع شبكتها الأوروبية في وقت سابق افتتحت ”كوبنهاجن” في الدنمارك ثم أغلقتها، اعتقد أن الأمر يحتاج إلى دراسات أكثر تأني ودقة عند اختيار وجهات جديدة.
- تغفل الشركة وجهات مهمة جدا ليس في أوروبا فقط ولكن في آسيا أيضا، لا تطير الناقلة الوطنية إلى ماليزيا مثلا، رغم ما يمثله هذا العملاق السياحي من قوة في السوق حاليا، والطلب المرتفع جدا على السفر إليه من المنطقة برمتها وخاصة مع سهولة الحصول على فيزا ، تجاهل ماليزيا علامة استفهام غير مبررة حتى الآن ؟!!، ربما نفس الأمر ينطبق على أندونيسيا وخاصة “بالي” وإن كان الطلب في مجمله أقل من ماليزيا.
- التفتت الشركة مؤخرا إلى السوق السريلانكي.. وهذه نقطة إيجابية جيدة تحتاج إلى دعم وتسويق، ونفس الأمر ينطبق على افتتاح خط “باكو” عاصمة أذربيجان هذا الصيف.
- وجهات الجاليات والعمالة الموجودة في البحرين نقطة مركزية مهمة جدا عند تقييم الوجهات لأن “الزبائن موجودون فعليا ويسافرون بانتظام”، لا تطير الشركة إلى أي مدينة سواء في مملكة المغرب أو دولة تونس بالرغم من تواجد طلب مباشر على هاتين الوجهتين من الجاليتين في البحرين إلى جانب المسافرين لغرض السياحة.
- لم تستطع الشركة منافسة الخطوط الأخرى التي تطير إلى أديس أبابا عاصمة أثيوبيا، ففتحت خطا ثم أغلقته بالرغم من وجود جالية أثيوبية يعتد بها في البحرين، لا أتابع كثيرا خط “كاتماندو” عاصمة نيبال لكن الجالية النيبالية واحدة من أكبر الجاليات في البحرين ولا يوجد حاليا خط مباشر بين الدولتين !!
- الجالية الكينية بدأت في الظهور داخل سوق العمل البحريني خلال العامين الأخيرين خاصة في عمالة الأمن والمطاعم، يمكن دراسة مدى جدوى خط مباشر بين البلدين .
في الختام.. نتمنى لناقلتنا الوطنية كل التوفيق والنجاح في المرحلة القادمة، التي تعد بالفعل تحديا قويا واختبارا صعبا، لدينا ثقة كبيرة في أننا سنجتازه بجهود الإدارة الجديدة وبدعم جميع منتسبي هذه الشركة العريقة ذات التاريخ، وبمساندة جميع أبناء البحرين المحبين لطيران الخليج ولكل ما هو بحريني أصيل.
* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة