مقالات تهمك

الصراع على الاستثمار.. أين تضع البحرين أقدامها؟ (2)

بقلم: أحمد صباح السلوم

تطرقنا في مقال الأسبوع الماضي إلى الصراع الحاصل في المنطقة والعالم حول جذب الاستثمارات، واستعرضنا كيف باتت الدول كبار تغري المستثمرين لجذبهم للاستقرار والعيش فيها وضخ أموالهم في اقتصادها، ما بين منحهم إقامات ذهبية وتسهيلات وإعفاءات، وحتى منحهم الجنسيات مقابل الاستثمار مثلما تفعل دول أوروبية حتى في هذا الصدد.. وأكدنا‏ أن دخول أي مستثمر كبير للسوق يعني مشروع أو مشروعات ضخمة، يعني ضخ رؤوس أموال طازجة جديدة ‏في الشارع التجاري، يعني تحريك لتروس العجلة الاقتصادية، يعني خلق فرص عمل وفتح أبواب رزق ‏أمام أهل البلد‏.
حكومة البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء تسعى بكل قوة لجذب الاستثمارات وتدرك جيدا أهمية هذا الأمر وهو في القلب من الرؤية 2030 التي يرعاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين، والتي تهدف في المقام الأول إلى تحقيق حياة كريمة للمواطن البحريني.
ولا شك عندي أن البحرين تبذل جهودا كبيرة في هذا الصدد بجهود جبارة، لكن تبقى عدة أسئلة تساور ذهني دائما عند التفكير بشأن هذا الأمر.. أولا هل هذه الجهود كافية لما تشهده الساحة من منافسة؟؟ هل هي في الاتجاه الصحيح كما تريد القيادة الرشيدة؟؟ هل تطبق الأفكار والرؤى على أرض الواقع فعليا وخاصة من حيث سلوكيات الموظفين المسؤولين عن التطبيق؟؟ هل هناك قرارات أو إجراءات أو قوانين تعوق تنفيذها؟؟ هل الأولى جذب الاستثمارات الجديدة أم الحفاظ على الاستثمارات القائمة وتطويرها؟؟
ودعنا نضع في البداية بعض القواعد الأساسية التي تنبئ عن الوضع القائم، ثم نجيب عن هذه الأسئلة:
– أولاً: البحرين تبذل جهودا حقيقية للارتقاء بالاقتصاد وجذب الاستثمارات، وتوفر تسهيلات كبيرة وميسرة لتأسيس الشركات والأنشطة التجارية الجديدة، وصدر عن جلالة الملك – حفظه الله ورعاه – قوانين مهمة لجذب الاستثمار، كما صدر عن وزير الصناعة والتجارة والسياحة قرارات مهمة أيضا في هذا الصدد منها مشروع «مركز البحرين للمستثمرين»، الذي اعتبره خطوة متقدمة ضمن جهود إيجاد بيئة استثمارية متطورة.
– ثانيا: هناك تحول نحو الاقتصاد الرقمي واهتمام كبير بقطاع التكنولوجيا، وسنت البحرين خلال مطلع العام الجاري وكأول دولة في العالم تشريعًا يعتمد تداول ‏المستندات الإلكترونية متوافقًا مع القانون النموذجي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للتحكيم ‏التجاري الدولي المعروف اختصارًا باسم «أونسيترال»، وهو خطوة تعزز البنية التشريعية للمملكة، بخلاف العديد من الإجراءات الجديدة التي اتخذت لتبسيط عملية الحصول على السجل التجاري وإنشاء الشركات، وتبسيط عملية الحصول على الخدمات الحكومية الأخرى ذات العلاقة وتسهيل التراخيص وتصديق الجهات المعنية.. بعضها يحتاج لضبط وتعديل، ولكن هناك تقدم في اتجاه إيجابي.
– ثالثا: في نهاية العام الماضي بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على البحرين وفقا لإحصائيات مجلس التنمية الاقتصادية حوالي 830 مليون دولار أمريكي، بزيادة 13.2% عن عام 2017، كما تم استقطاب ‏‏92 شركة جديدة في عام 2018، وهذا ما أسهم في خلق 4772 فرصة عمل ‏جديدة‎، وجاء هذا النمو على الرغم مما شهدته بيئة الاستثمار العالمية من تحديات تقلص بفعلها مستوى تدفق الاستثمارات المباشرة حول العالم بمعدل 23%.
– رابعا: تضاعف حجم الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر من 7 مرات في السنوات العشر ‏الأخيرة، مرتفعًا بنسبة 747% بين عامي 2008 و2018.. وذلك بفضل الفرص الاستثمارية الجيدة التي توفّرها البحرين للمستثمرين الأجانب من ‏مختلف ‏دول العالم.
– خامسا: الركود الاقتصادي الذي تمر به المنطقة لا يجب أن ينظر إليه بشكل سلبي تام ولكن هو تحدٍ للنهوض.. ويمكن للبحرين أن تخرج من هذا التحدي فائزة لأننا لو عبرنا هذه الظروف الصعبة سنحقق نتائج ممتازة عند تحسن الأحوال الاقتصادية.
– سادسا: اتباع نهج عمل علمي جماعي يتسم بخلق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوحيد الخيارات الاستراتيجية سيساهم في تعزيز الثقة بالاقتصاد البحريني وإمكاناته التنافسية وجاذبيته الاستثمارية.
أما الأسئلة التي طرحتها في هذا المقال.. فسنتطرق لها ونجيب عنها في مقال الأسبوع القادم إن شاء الله الذي سيشمل محصلة رأيي عن خطوات الاستثمار في البحرين، ويهمنا رأيكم أيضا.

أخبار الخليج_الخميس ٢٥ يوليو ٢٠١٩ – 01:00

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى