مقالات تهمك

الذكاء الاصطناعي .. ومستقبل الاقتصاد والبشر (1)

بقلم – أحمد صباح السلوم*

استكمالا للمقالين السابقين عن دور التطور التكنولوجي في مستقبل الاقتصاد المحلي والعالمي، وفلسفة “التسوق الأخلاقي” النابعة من بعض المعايير الأخلاقية التي تخلق توازنا اقتصاديا مقصودا عند اتخاذ قرار الشراء، نتحدث اليوم عن مصطلح آخر مهم طرق أبواب الإعلام المرئي والمقروء والإلكتروني ووسائل التواصل الإجتماعي في السنوات الأخيرة وهو “الذكاء الاصطناعي” وأبسط أمثلته بالنسبة لنا كعموم البشر هو “الروبوت”، وفي الوقت الذي استبشر بعض العلماء بهذا المصطلح واعتبروه فتحا علميا سيغير مسار البشرية في السنوات القادمة، حذر البعض الآخر منه ومن تبعاته على الجنس البشري نفسه !! وما قد ينتج عن تطوره من آثار مذهلة سلبية وخاصة في قطاع الوظائف والاستغناء عن أعداد هائلة من العمالة وإحلالها بالروبوتات الآلية، وحتى التحذير من أنه قد يتسبب في فناء الجنس البشري نفسه!!

وبعيدا عن صناعة السينما التي ضخمت الأمر كثيرا واستوحت منه أفلاما للخيال العلمي حققت أرباحا مليارية، أشار عالم الفيزياء الأشهر ستيفن هوكينغ في تصريح شهير في ديسمبر 2014 ‏إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري!!، محذرا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيا.. وبالتالي ربما تجعل من البشر أعداء لها !!

كما أعلن المؤسس والرئيس السابق لشركة مايكروسوفت “بيل جيتس” عن رغبته في بقاء الروبوتات غبية إلى حد ما، وقال “أنا في جانب هؤلاء من يشعرون بالقلق إزاء الذكاء الخارق”.. ويجب الانتباه هنا إلى أن هذين الشخصين تحديدا من أكثر الشخصيات المؤثرة في التاريخ البشري الحديث وخاصة فيما يتعلق بعلوم الفيزياء والكمبيوتر.. فلا يجب أن نمر على كلامهما مرور الكرام دون تدقيق وتأمل.

في المقابل يرى بعض الخبراء أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تتسبب في أي مخاطر على الجنس البشري، ومن هؤلاء أستاذ علم الحاسوب بجامعة مونتريال الكندي يوشوا بينغيو، الذي يرى أنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه المحللون، لأنها تستند في تطورها إلى علوم وأفكار ما تزال في بداياتها الأولى حاليا، ويؤكد بينغيو أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي بشكله المنتظر لن يكون مفاجئا، أي ليس كما يشبهه البعض باكتشاف وصفة سحرية خارقة على حد تعبيره، فما زال إنتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي المتكاملة بحاجة إلى تطور علوم حالية وابتكار علوم جديدة، أي -بتعبير آخر- لن يخرج أحد العلماء بتقنية ذكية من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها، كما في أفلام الخيال العلمي.

أما العالم الأمريكي “دافيد ديوتش” أقر بأن الفلسفة هي الحل للوصول إلي مرحلة من الذكاء الإصطناعي تحاكي تلك المتواجدة في العقل البشري من منطلق أنها العامل الرئيسي الذي يعتمد عليه البشر في فهم وتحليل الأمور وإتخاذ القرارات المناسبة، الأمر الذي يري البعض أنه بعيد عن الواقع في الوقت الحالي ولسنوات قادمة لأن العلم الحديث لم يتوصل لفهم كامل لطريقة عمل العقل البشري مع كل التطور التكنولوجي المتواجد حاليا.

ولمزيد من التوضيح حول هذا الموضوع دعنا نسأل ما هو “الذكاء الاصطناعي” وما استخداماته، وتأثيراته وخاصة الاقتصادية منها ؟؟

يعرف العلماء ‏”الذكاء الاصطناعي” بأنه قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، الاكتشاف، المقارنة، التحليل، الابتكار، والاستفادة من التجارب السابقة، ويعرف كبار الباحثين الذكاء الاصطناعي بأنه “دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها”، في حين يعرفه جون مكارثي -الذي وضع هذا المصطلح سنة 1955- بأنه “علم وهندسة صنع آلات ذكية”.

وبالطبع حاليا هو اسم لحقل أكاديمي ومجال علمي واسع في جامعات وأكاديميات عالمية مرموقة يعنى بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي.

أما عن استخدامات “الذكاء الاصطناعي” في حياتنا اليومية وتأثيراته المستقبلية ستكون مجال لحديثنا في المقال القادم إن شاء الله.

* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى