مقالات تهمك

أهمية توحيد الدعم الخليجي للمؤسسات الصغيرة والحاضنات

بقلم – أحمد صباح السلوم :‏
بات “التكامل الاقتصادي الخليجي” على صعيد عدة محاور من الأمور الضرورية التي تم ‏الاهتمام بها والعمل على تنفيذها في الفترة الأخيرة، وتشمل محاور التعاون الاتحاد الجمركي، ‏التأشيرة الموحدة، شهادات المنشأ، العملة الخليجية وقبلها طبعا لابد من مصرف خليجي ‏مركزي.‏
وإذا كان التكامل الاقتصادي هدفا نتمنى أن يتم الارتقاء به وتفعيله دائما بيننا كأشقاء.. فإننا ‏نرجو أن يكون شاملا ممتدا واسع الرؤية لكل الشأن الاقتصادي الخليجي مع الوضع في ‏الاعتبار بالطبع خصوصية موارد كل دولة، ولكن الأطر العامة لهذا التعاون كلما كانت شاملة ‏وموحدة كلما كان هذا التكامل مجديا ومؤثرا على صعيد الوحدة الخليجية وقوة اقتصادها، ولا ‏أن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تلعب دورا مهما في هذا الصدد برئاسة الأمين ‏العام الدكتور عبد اللطيف الزياني الذي يبذل جهودا مشهودة في هذا الإطار.‏
ولا شك أن جهودا طيبة تبذل على كل صعيد من الجهات المعنية بتطويره، لكن هناك أمرا ‏ربما لم يلتفت إليه القائمون على أمورنا “التوحدية الاقتصادية” وهو ما يختص بالمؤسسات ‏المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، ورغم أنه بات من المعلوم الدور المهم الذي تقوم به ‏هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني لدول الخليج كل على حدة وما تمثله من إجمالي ‏المؤسسات العاملة في الأسواق الخليجية بنسب تتفاوت بين 90% و98% في دول التعاون ‏الست، إلا أن أفكار “التكامل والتوحد” لم تمتد إليها مطلقا.‏
لذا فإن العمل على إيجاد مظلة خليجية لتوحيد مبادرات الدعم الخاصة بالمؤسسات الصغيرة ‏والمتناهية الصغر على وجه الخصوص من الأمور المهمة للغاية على صعيد التعاون ‏والتكامل الاقتصادي الخليجي.‏
لعل القارئ الكريم يتساءل في ذهنه .. ما فائدة هذه المبادرة ؟
فائدة هذه المبادرة باختصار هي توحيد أشكال الدعم التي تتحصل عليها هذه المؤسسات ‏الصغيرة والمتناهية الصغر في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بعد دراسة لأبرز أشكال ‏ووسائل الدعم الراهنة لهذه المؤسسات وما جرى بالفعل من تجارب مثمرة في هذا المجال، ‏توحيد هذه المبادرات سيفيدها في التوسع والانتشار على المستوى الخليجي بكل تأكيد لأن ‏المؤسسة الصغيرة في البحرين ستلقى نفس الدعم والمعاملة إذا أردت أن تفتح فرعا في ‏السعودية أو الإمارات أو أي دولة خليجية أخرى والعكس ، والمؤسسة الصغيرة العاملة في ‏الكويت أو عمان أو قطر يمكنها أن تتحصل على نفس المزايا وهكذا ستكون هناك قاعدة واحدة ‏قائمة على أسس متينة بشأن هذا الدعم.‏
‏ الفائدة الثانية هي التوصل إلى أفضل سبل الدعم المتاحة لكل نوعية أو قطاع من المؤسسات ‏بناء على دراسة شاملة لوسائل وأساليب الدعم في كل دولة من دول الخليج.‏
‏ وقد لاحظنا اختلافات بالجملة في وسائل دعم ومساندة هذه المؤسسات في كل دولة، ففي ‏السعودية مثلا هناك الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي أعلنت مؤخرا عن ‏إطلاق 4 مبادرات جديدة، تحت إطار تحفيز القطاع الخاصّ ودعمه وتحقيق الرؤية 2030، ‏تشمل إعادة الرسوم الحكومية التي تتكبدّها الشركات خلال السنوات الثلاثة الأولى من ‏تشغيلها، كما تشمل دعم رأسمال المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل مباشر عبر برنامج ‏‏”كفالة” بدعم من البنوك، وكذلك بشكل غير مباشر عبر هيئات ومؤسسات المساعدة، كما تم ‏تخصيص صندوق الاستثمار الجريء الذي يستهدف بشكل خاصّ المنشآت الناشئة والذي ‏خُصص له 2.8 مليار ريال، بهدف سدّ الفجوة التمويلية وتحفيز الاستثمارات في المنشآت ‏الصغيرة والمتوسطة‎.‎
في الكويت هناك الصندوق الوطني الكويتي الذي تأسس في العام 2013 لدعم الشركات ‏الصغيرة والمتوسطة والذي بلغت قيمته ملياري دينار كويتي، يمول الصندوق المشاريع ‏الصغيرة أو المتوسطة المجدية والمملوكة من قبل كويتيين بنسبة تصل إلى 80% من رأس ‏المال. ويضع القانون شروطاً محددة للمشاريع المستحقة للدعم من بينها أن توظف من 1 إلى ‏‏50 موظف كويتي وأن لا تزيد تكلفة انشاءها عن 500 ألف دينار كويتي.‏
في دولة الإمارات العربية الشقيقة يتخذ الدعم أشكالا مختلفة منها المباشر وغير المباشر ‏والخدمي بخلاف التسهيلات الخاصة، وقد أنشأت الحكومة عدداً من الصناديق المتخصصة في ‏تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة «كصندوق خليفة لتطوير المشاريع» و«مؤسسة ‏محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة» وغيرها، وألحقت بهذه الصناديق ‏إدارات متخصصة لتقديم الدعم الفني والإداري وخدمات التدريب لتلك المشروعات.‏
‏ وفي سلطنة عمان هناك تجربة رائدة ورائعة لمركز الزبير لدعم المؤسسات الصغيرة وهو ‏أشبه بحاضة أعمال ضخمة، ويقدم خدمات إدارية وفنية رفيعة القيمة ناهيك عن الدعم المادي ‏المباشر وغير المباشر.‏
‏ في الإجمال هناك حصيلة كبيرة ومختلفة من سبل الدعم تختلف في تفاصيلها كثيرا، والوقوف ‏على الأفضل منها وتوحيد هذه المبادرات يحتاج دراسة مستفيضة وجهة محايدة، ولا يوجد ‏أفضل من أمانة مجلس التعاون الخليجي لتتبنى هذه المبادرة التي سيكون لها أكبر الأثر في ‏توحيد التوجهات الاقتصادية مستقبلا.‏
‏* رئيس جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‏

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى